ارسال السریع للأسئلة
تحدیث: ١٤٤٥/١٢/١٨ السیرة الذاتیة کتب مقالات الصور دروس محاضرات أسئلة أخبار التواصل معنا
فهرست کتاب‌‌ لیست کتاب‌ها
■ أجوبة مسائل الشيخ الطوسي
■ [ ١ ]المسائل التي سألها الشيخ أبو جعفر الطوسي بخطه رحمة الله
■ [ ٢ ]مسائل العويص
■ [ ٣ ]رسالة المتعة للشيخ المفيد
■ [ ٤ ]أحكام النساء- الشيخ المفيد
■ [ ٥ ]تحريم ذبائح أهل الكتاب
■ [ ٦ ]المسح على الرجلين
■ [ ٧ ]رسالة في المهر
■ [ ٨ ]جوابات أهل الموصل في العدد والرؤية
■ [ ٩ ]رسالة حول خبر مارية
■ [ ١٠ ]سلسة مؤلفات الشيخ المفيد
■ [ ١١ ]مسألة في النص على علي عليه السلام
■ [ ١٢ ]- رسائل في الغيبة - الشيخ المفيد -
■ [ ١٣ ]الرسالة الثانية في الغيبة
■ [ ١٤ ]الرسالة الثالثة في الغيبة
■ [ ١٥ ]الرسالة الرابعة في الغيبة
■ [ ١٦ ]أقسام المولى في اللسان
■ [١٧]رسالة في معنى المولى
■ [ ١٨ ]شرح المنام
■ [ ١٩ ]الإشراف
■ [٢٠]سلسلة مؤلفات - الشيخ المفيد
■ [٢١]مسألة في الارادة
■ [٢٢]عدم سهو النبي صلى الله عليه وآله
■ [٢٣]سلسلة مؤلفات الشيخ المفيد
■ [ ٢٤ ]مسألة في النص على علي عليه السلام
■ [ ٢٥ ]رسالة حول الحديث نحن معاشر الأنبياء لا نورث
  1. الوهابيّون والبيوت المرفوعة للشيخ محمّد عليّ السنقريّ الحائريّ
  2. وصول الأخيار إلى أصول الأخبار
  3. الوسيلة العذراء للشاعر عبد الحسين شكر (ت هجري.)
  4. همزيّة التميميّ صالح بن درويش الكاظمي (ت 1261هجري.)
  5. النكت في مقدمات الاصول، في تعريف المصطلحات الكلامية
  6. نثر اللآليْ للطبرسيّ (ت 548 هجري.)
  7. مقدّمتان توثيقيتان للسيد المرعشيّ والسيد المشكاة
  8. مسند الحِبَريّ
  9. مختصر رسالة في أحوال الأخبار
  10. الكلمات المائة للجاحظ (ت 250 هجري. )
  11. فصل الخطاب في ردّ محمّد بن عبد الوهّاب النجديّ
  12. عروض البلاء على الأولياء
  13. عجالة المعرفة في اُصول الدين
  14. شفاء السقام بزيارة خير الأنام عليه السلام
  15. الرعاية في شرح البداية في علم الدراية
  16. الدرة الفاخرة في دراية الحديث
  17. الرسالة الرحمانيّة حول كتابة كلمة (الرحمن)
  18. رسالة الحقوق
  19. رسالة ابي غالب الزراري إلى ابن ابنه في ذكر آل أعين
  20. الرجال لابن الغضائري
  21. دفع الشبه عن الرسول والرسالة
  22. الخلاصة في علم الكلام
  23. خاتمة وسائل الشيعة
  24. الحكايات، في الفرق بين المعتزلة والشيعة
  25. الحقوق لمولانا زيد الشهيد عليه السلام
  26. تفسير الحِبَري أو ما نزل من القرآن في علي أمير المؤمنين عليه السلام تفسير بالحديث المأثور
  27. تسمية من قُتِل مع الحسين عليه السلام من ولده واخوته وشيعته
  28. تثبيت الإمامة لأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام
  29. تاريخ أهل البيت عليهم السلام
  30. البداية في علم الدراية
  31. الباقيات الصالحات في أصول الدين الإسلامي عاى المذهب الإمامي
  32. إنجاح المطالب في الفوز بالمآرب
  33. الإمامة والتبصرة من الحَيْرة
  34. أسماء السور القرآنيّة، في مقطوعتين رائعتين في مدح النبيّ صلى الله عليه وآله
  35. الأُرجوزة اللطيفة في علوم البلاغة
  36. الأحاديث المقلوبة و جواباتها
  37. الإجازة الشاملة للسيّدة الفاضلة من الشيخ أبي المجد الأصفهاني للعلويّة الأمينيّة الهاشميّة
  38. آداب المتعلّمين
  39. نقد الحديث بين الاجتهاد والتقليد
  40. نظرات في تراث الشيخ المفيد
  41. المنهج الرجاليّ والعمل الرائد في (الموسوعة الرجالية لسيّد الطائفة آية الله العظمى البروجرديّ 1292 ـ 1380هجري)
  42. المنتقى النفيس من درر القواميس
  43. معجم أحاديث البسملة
  44. الموت أياتهاجاديثه احكامه
  45. القافية والرويّ في الشعر العربيّ
  46. ديوان الإجازات المنظومة
  47. دفاع عن القرآن الكريم
  48. حول نهضة الحسين عليه السلام
  49. الحسين عليه السلام سماته وسيرته
  50. جهاد الإمام السجّاد علي بن الحسين عليه السلام
  51. ثبت الأسانيد العوالي بطرق محمد رضا الحسيني الجلالي
  52. تدوين السنة الشريفة
  53. تحقيق النصوص يبن صعوبة المهمة وخطورة الهفوات، في النقد العلمي
  54. إيقاظُ الوَسْنان بالملاحظات على (فتح المنّان في مقدّمة لسان الميزان)
  55. أنا ـ ترجمة ذاتية للإمام أمير المؤمنين عليه السلام طبقاً للنصوص الموثوقة
  56. الأجوبة السديدة على أسئلة السيّدة الرشيدة
  57. الأجوبة الجلالية على الاسئلة الحلوانية
  58. أبو الحسن العُريضي، علي بن جعفر الصادق عليه السلام ترجمة حياته، ونشاطه العلميّ

[ 5 ]تحريم ذبائح أهل الكتاب

[ 5 ]

تحريم ذبائح أهل الكتاب

تأليف الامام الشيخ المفيد محمد بن محمد النعمان ابن المعلم ابي عبد الله العكبري البغدادي

( 336 - 413 ه‍ )

بسم الله الرحمن الرحيم

هبط الاسلام - آخر الديانات الإ لاهية - على أرض الحجاز القاحلة ? ومنذ اللحظة الاولى كانت لنبيه الكريم صلى الله عليه وآله ? من المتدينين المتواجدين في المنطقة - سواء الحنفاء أم المنتمون إلى الشرائع السماوية السابقة مواقف متميزة . فهم - على ما كانوا عليه من جهل وانحراف - قد كانوا أقرب إلى ما جاء به الإسلام من سائر العرب المشركين ? فهم يجتمعون مع هذا الدين الجديد على بعض الخطوط ? ويتفقون معه في بعض الألفاظ ? ويشتركون معا في بعض المفاهيم ? ويلتقون عند بعض النقاط الغيبية . ولقد كانت على أيدي انبياء الله المرسلين عليهم السلام ? بذور الدين منتثرة هنا وهناك ? وهم بقايا جهودهم عليهم السلام . والملتزمون بالأديان السابقة كانوا على مستويات مختلفة ? ولهم إمكانات متفاوتة ? وتطلعات متغايرة فالحنيفية الإبراهيمية أقلها عددا وشوكة ? واليهودية أشدها تزمتأ وتقوقعا، والمسيحية اكثرها عددا وانفلاتا.

ففي مكة كانت الحنيفية محدودة العناصر ? في أفراد يشار إليهم بعدد الأصابع ? بينهم آباء النبي صلى الله عليه وآله وامهاته ? كانوا أسبق المتدينين الى اعتناق الإسلام . إلا أن أهل الديانات الاخرى تلكؤوا في الالتحاق بالدين الجديد ? اعتزازا بمواقعهم ? أو اغترارا بما عندهم ? ولم يقفوا من الاسلام موقفا يتحلى بالانصاف . بينما كان المتوقع أن يبتهجوا بهذه الحركة الإلهية الجريئة التي قام بها نبي الإسلام ? مقتحما حصون الجاهلية العربية بما فيها من جهل وشرك وفساد ? مناديا في ديارها بالتوحيد والإيمان ? متحملا كل الأخطارو الأهوال في هذا السبيل ? واضعا لحياته في مهب حقدهم وعدوانهم وهجماتهم العسكرية ? وهو يدعو إلى ما يلتزمون به ويؤكد على اصول عقائدهم وقضاياهم . ومن جانب أخر ? فإن كتبهم السماوية مشحونة بالتبشير به ? فما أحسن هذه الفرصة ? كي يلتفوا حوله ? ويتكاتفوا معه ليزيحوا الجاهلية بكفرها وعتوها وفسادها من الارض ويثبتوا ( كلمة الله العليا ) وينشروا الهداية .

لكنهم - أي أهل الكتاب - بدلا من ذلك ? اتخذوا مواقف عدائية ضد الإسلام ? بل ? تواطؤوا مع أهل الكفر والشرك ? ضد الاسلام ونبيه الكريم صلى الله عليه وآله ! ومع كل هذه التصرفات المنافية لأ بسط قواعد الحق ? وأوضح مسائل التدين ? فإن الاسلام ? وعلى صفحات قرآنه ? ولسان نبيه ? لم يعامل أهل الكتاب إلا بشكل متميز . فقد فتح أمامهم أبواب الحوار الفكري والعقيدي ? ودعاهم إلى ( كلمة سواء ) .

بينما كانت الدعوة لغيرهم الى الاسلام فقط ? بعد الاقناع والتوعية ? واختيار حياة الاسلام أو موت الكفر والعناد . أما أهل الكتاب ? فكانوا مخيرين بين اختيار الاسلام ? أو البقاء على دياناتهم ! بشروط المواطنة الصالحة ? والالتزام بقوانين الدولة العامة ? المعروفة بشروط الذمة . أما بالنسبة إلى عقائدهم وأفكارهم وشرائعهم ? فإن الاسلام أكد على الحق منها ? ودعا إليه ? ورفض ما طالته أيدي التحريف ? التجاوز .

ومن تلك الأحكام ? مسألة ( ذبح الحيوان للأكل ) : فإن شرائع السماء قررت قوانين وشروطا معينة ? للحيوان الذي يأكله الإنسان ? في نوعيته ? وفي كيفية قتله . ومن الشروط الأساسية ? أن يذكر اسم ( الله ) عليه عند ذبحه .

وقد وافق أهل الكتاب ? شريعة الإسلام ? في أصل هذا الشرط ومجمل ما قررته الشريعة .

لكن فقهاء المسلمين اختلفوا في ( ذبائح أهل الكتاب ) هل يحل أكلها للمسلمين ? أولا ? وأساس هذا الخلاف هو : هل أن تسمية أهل الكتاب على ذبائحهم ? صحيحة يمكن اعتبارها ? أولا ? فقولهم : ( باسم الله ) هل يقصدون به : اسم ( الإله الواحد الأحد ? الفرد الذي لم يلد ولم يولد ? ولم يكن له كفوأ أحد ) هذا المسمى الذي هو شرط الذبح عند المسلمين ? بينما أهل الكتاب : النصارى منهم يقولون بالتثليث ! واليهود منهم يقولون : ( عزير ابن الله ) جل وعلا ! !

فهم لا يعتقدون بالمسمى الذي هو الحق ? وإن تلفظوا باسمه ? بل هم يكفرون ? وإن ادعوا الإيمان ? وتميزوا عن الكفار المشركين بهذا الإدعاء ? وبالارتباط بشريعة وكتاب ? لكن عقائدهم تلك لا تجعل التسمية الصادرة منهم ? هي التسمية المطلوبة الصحيحة المشروطة في حلية المذبوح ! وليس المراد بالتسمية مجرد اللفظ ? وذكر الاسم فقط ? من دون إرادة المعنى ? والمسمى الحق .

وقد ذهب جمهور فقهاء الشيعة الإمامية الى الحكم بحرمة ذبائح أهل الكتاب ? ووافقهم بعض فقهاء العامة .

أما جمهور فقهاء العامة فيقولون بحلية ذبائح أهل الكتاب وهو مذهب بعض الشيعة ? ومستند العامة في ذلك أمران :

الأول : أن ظاهر حال أهل الكتاب هو معرفة الله ? ووصفه بالتوحيد ? فيكتفى بهذا الظاهر ? حتى يعلم خلافه .

الثاني : قوله تعالى : ( وطعام الذين اوتوا الكتاب حل لكم ) في سورة المائدة ( 5 ) الآية : 6 .

وقد أجاب الشيعة عن ذلك :

أما الأول : فبأن اليهود والنصارى - وإن كانوا على ظاهر الاعتقاد بوجود الله ? ويقول قوم منهم بتوحيده ? إلا أن ذلك يخالف في تفاصيله المعتقد الحق الذي عليه المسلمون ? وقد ثبت في كتب العقائد انحرافهم عن الحق ? والتزامهم بالباطل ? وكفاهم كفرا وخروجا : إنكارهم لنبوة الرسول صلى الله عليه وآله وما جاء به من القرأن وأحكامه . فكيف يلتزم بإيمانهم الاسمي ? ومعتقدهم الظاهري في الله ? مع أنهم لا يقصدون بهذا الاسم ? ما يعتقده المسلمون من الحقّ!?.

واما الثاني ? فقد أجابوا عنه بجوابين :

أولا : قال قوم بأن المراد بأهل الكتاب في الأية هم الذين آمنوا بالإسلام ممن كانوا يهودا أو نصارى ? وإنما اطلق عليهم اسم ( أهل الكتاب ) باعتبار صفتهم السابقة كما يطلق المشتق على ما انقضى عنه المبدأ .

وثانيا : وقال قوم بأن المراد بالطعام المذكور في الأية هو خصوص الحبوب ? من المزروعات ? دون اللحوم من الحيوانات ? وهذا وارد في بعض الحديث أيضا . هذا ? ولكن الدليل الأساسي عند فقهاء ? الشيعة هو الأحاديث المتضافرة ? الواردة عن أئمة أهل البيت عليهم السلام ? الدالة على النهي عن أكل ذبائح أهل الكتاب .

هذا موجز ما فصله الشيخ المفيد قدس الله سره في هذه الرسالة ? التي تتميز - بعد كونها واحدة من ذخائر تراثنا الغالي - بالمزايا التالية .

1 - فهي واحدة من كتب الشيخ الفقهية على منهج الفقه المقارن فنجده يقدم نظر المخالفين ? بكل أدلتهم ? وعلى اختلاف الاحتمالات ويفصل الرد عليهم جزءا فجزءا . ثم يستدل على الحق الذي يراه ? بالقرآن ? حسب ما يدل على ظاهر الألفاظ الواردة فيه ? ومفهومها اللغوي العرفي . ثم يستند الى الثوابت الفقهية ? التي تعطي القطع بالملاكات والمدارك المعتمدة عند الفقهاء . ثم يرد دعوى توحيد أهل الكتاب الذي استند إليه الخالفون .

2 - يستعمل في ردّ المخالفين أدلتهم المعتمدة عندهم ? وطرق استدلالاتهم الخاصة بهم ? وإن لم تكن صحيحة عند المؤلف : مثل ما عمله في الفصل الثالث ? حيث رد على القول بجواز ذبائح أهل الكتاب بدعوى التزامهم بالتوحيد .

فردهم بأنه قول مخالف لاتفاق العامة أنفسهم ? وقول بالفصل بينهم إذ هم لا يفرقون بين من يعتقد التوحيد من أهل الكتاب ومن لا يعتقد ذلك ! والقول بالفصل ? خلاف الاجماع المركب ? لانه خرق له .

وفي الفصل السادس ? يحاول رد الحكم بحلية ذبائح أهل الكتاب ? متمسكا بالقياس الذي يقول به العامة أنفسهم .

3 - احتواؤها على الأحاديث الدالة على الحرمة ? وقد ذكر منها عشرة باسانيدها ومتونها ? ولهذا أثره في دعم ما ورد في المجاميع الحديثية بالتصحيح .

كما أن الشيخ أكد على هذه الأحاديث بأنها مما ( ورد من الطرق الواضحة ? بالأسانيد المشهورة وعن جماعة بمثلهم - في الستر والديانة والثقة والحفظ والأمانة - يجب العمل ? وبمثلهم في العدد يتواتر الخبر ) .

وبهذا النص يمكننا استخلاص آراء الشيخ في المجالات التالية :

1 - المنهج الرجالي الذي اعتمده الشيخ .

2 - رأيه في الخبر المتواتر ? وما به يحصل التواتر .

3 - وجوب العمل بالأخبار ? إذا كانت مثل هذه في وضوح الطرق واشتهار الاسانيد 4 - اعتماد الشهرة السندية .

5 - يمكن اعتبار ذلك توثيقا عاما لرواة الأحاديث التي وردت بحرمة ذبائح أهل الكتاب ? وعلى الأقل هذه التي ذكرها الشيخ في هذه الرسالة .

والذي ينبغي أن نختم به هذه النظرة ? هو ما ذهب إليه بعض الشيعة من القول بحلية ذبائح أهل الكتاب ? فقد ذهب بعض أصحابنا إلى ذلك استنادا إلى روايات دلت عليه : وقد ختم الشيخ المفيد رسالته بتوجيه تلك الروايات ? بعد وصفه لمن تعلق بها ب‍ ( شذّاذ أصحابنا في خلاف مذهبنا) فذكر لذلك وجهين :

الاول : حمل أخبار الحلية على ( التقية من السلطان ? وإشفاق الإمام عليهم السلام من أهل الظلم والطغيان ? إذ القول بتحريمها خلاف ما عليه جماعة الناصبية ? وضد لما يفتي به سلطان الزمان ? ومن قبله من القضاة والحكام ) .

الثاني : إن التحليل إنما جاء في الحديث لذبيحة من أسلم من أهل الكتاب وأقر بالتوحيد ? بقرينة رواية معاوية بن وهب ? حيث قال في من حكم بحليه ذبيحته من أهل الكتاب - : أعني من يكون على أمر موسى وعيسى . فإن اتباع موسى وعيسى ? بصورة صحيحة ? يؤدي إلى اتباع النبي محمد صلى الله عليه والله ? والإيمان بشريعته التي اشترط فيها أن يذكر الذابح اسم الله الواحد الذي لا شريك له . أما ما جاء في الرواية الثالثة من روايات التحريم التي أوردها الشيخ ? وهي رواية شعيب العقرقو في الذي سمع الإمام الصادق عليه السلام ينهى عن أكل ذبائح أهل الكتاب . قال شعيب : فلما خرجنا من عنده ? قال لي أبو بصير : كلها فقد سمعته وأباه - جميعا - يأمران بأكلها . ثم سأل الأمام عن ذلك ? فقال : لا تأكلها .

قال شعيب : فقال لي أبو بصير : كلها ? وفي عنقي .

فسأل الامام ثانية ? فقال : لا تأكلها . فقال أبو بصير : سله ثالثة . قال شعيب : فقلث : لا أساله بعد مرتين .

فالذي يظهر لأول وهلة أن أبا بصير بإظهار رأيه في قبال كلام الإمام عليه السلام - اوّلا - ثم ?إصراره على رأيه المخالف ثانيا وثالثا ? يعارض مكررا ما يظهر من كلام الإمام عليه السلام في التحريم ?

فيتصور فيه تجاوزه عن حد الأب مع الإمام عليه السلام على أقل الفروض ! وقد حاول الحجة المفضال السيد عبد الرسول الشريعتمدار الجهرمي أن يوجه عمل أبي بصير بما ملخصه : أن أبا بصير كان قد سمع الباقر عليه السلام في عصره ? وسمع الصادق عليه السلام في أوائل عهده ? يأمران بكل ذبائح أهل الكتاب ? وحيث أن في تلك الفترة ? كان الوضع مؤاتيأ للأئمة عليهم السلام أن يعلنوا عن الحقائق الدينية باعتبارها فترة ضعف بني امية وانشغالهم عن مسائل الدين بأنفسهم فلم يكن ذلك العهد ? عهد تقية أو خوف ? بل عهد نشر العلم ? الاعلان ( عن مرّ الحقّ ) كما في بعض النصوص .

فحمل أبو بصير ذلك التحليل على الحكم الواقعي ? وحمل ما ?معه الآن ? وفي نهاية عصر الصادق عليه السلام حيث عاد الملوك إلى سيرتهم الأولى في الضغط على الأئمة عليهم السلام ? حمله على التقية والحكم الظاهري ? وجعل ما سمعه أولا قرينة على هذا .

وهذا التصرف من أبي بصير يعتبر نوعا من إعمال الاجتهاد ? والترجيح

بين الروايات ? في عصر حضور الأئمة عليهم السلام . ويظهر من سكوت الأئمة عليهم السلام عن أبي بصير ? وتصرفاته هذه ? بل والإصرار على الإرجاع إليه مع علمهم بهذه التصرفات الاجتهادية ? يظهر من ذلك رضاهم عليهم السلام بأمثال هذه الاجتهادات ? وعدم معارضتهم لها ? والتزامهم بإجزاء العمل على طبقها .

أقول : هذا ما أفاده السيد المحقق دام ظله في رسالته ( حول الاجتهاد ? الأخبار ) .

لكن تصرف أبي بصير في نهي الإمام عليه السلام في هذه الرواية بالحمل على التقية غير ممكن : لأن التقية إنما تصدق فيما إذا كان حكم الامام عليهم السلام موافقا للعامة بينما الحكم الأول الذي سمعه أبو بصير هو الموافق للعامة ? وما ذكره في رواية شعيب هذه مخالف لهم ? فكيف يخفى مثل ذلك على أبي بصير الفقيه الكبير ? فيحمل هذا الأخير على التقية .

ولذلك نرى الشيخ المفيد - في هذه الرسالة - قد حكم على رواية الجواز بالتقية . والذي أراه أن أبا بصير كان يرى حمل النهي عن الأكل على خصوص بعض الأفراد ? أو على الكراهة ? عملا بما سمعته من رواية الأمر بالأكل ? جمعا بين الحكمين ? وعملا بالروايتين . وهذا - أيضا - نوع من إعمال الاجتهاد .

فحمل رواية الحل ? على ذبائح طائفة من أهل الكتاب ? وهم الذين اعتنقوا الإسلام ? لقربهم من المراكز الاسلامية الكيرى ? أما الذين بقوا على اليهودية والمسيحية فذبائحهم محرمة ? كأهل الجبل البعيدين عن المراكز العلمية ويؤيد هذا الحمل رواية معاوية بن وهب - التي أوردها الشيخ أخيرا - المتضمنة لحكم الإمام عليه السلام ? وقد سأله عن ذبائح أهل الكتاب ? فقال عليه السلام : لا بأس ? إذا ذكروا اسم الله عزوجل ثم قال عليهم السلام : وإنما أعني منهم من يكون على أمر موسى وعيسى . . فكونهم على أمر موسى وعيسى ? يعني اعتقادهم بالحق الذي جاءا به ? بما فيه التبشير بدين الاسلام والايمان بنبيه محمد صلى الله عليه وآله . وهذا التوجيه هو الذي ذكره المفيد - كما مر - وجها ثانيا لرواية الجواز ? في نهاية هذه الرسالة ? التي هي - على اختصارها - أجمع ما ألف حول الموضوع ? واحسم كتاب لشفأفة النزاع فيه .

ونحمد الله على توفيقه ? ونسأله الرضا عنا بفضله وإحسانه والعفو عنا بكرمه وجلاله ? إنه ذو الجلال ? الإكرام. وكتب

السيّد محمّد رضا الحسيني الجلالي