احدث العناوين
- مناسبت » نبارک للأمة الإسلامیة ذکری ولادة الأقمار الثلاثة (ع)
- مناسبت » نبارک للأمة الإسلامیة ذکری میلاد اميرالمؤمنين علی بن ابی طالب(ع)
- مناسبت » نبارك لكم ذکری ولادة السّیدة زينب الكبرى(سلام الله علیها)
- مناسبت » وفاة السيدة فاطمة المعصومة (عليها السلام)
- مناسبت » نبارك لکم مولد الإمام حسن بن علي العسكري عليه السلام
- مناسبت » نبارك لکم مولد الرسول الاکرم (ص) وحفیده الامام الصادق(ع)
- مناسبت » اسعد الله ايامكم بمناسبة حلول عيد الله الاكبر، عيد الولاية، عيد الغدير الاغر
- مناسبت » اعظم الله اجورنا و اجورکم بذكرى استشهاد الإمام محمد الباقر (عليه السلام)
- مناسبت » اعظم الله اجورنا و اجورکم بذكرى استشهاد الامام الجواد (عليه السلام)
- مناسبت » نبارك لكم ذکری ولادة السّیدة الطاهرة فاطمة الزهراء (سلام الله علیها)
الأخبار العشوائیة
- مصاحبه » لقاء مجلة الأحرار مع سماحة السید الجلالي
- مناسبت » عظم الله اجورنا واجوركم بذكرى استشهاد الامام محمد بن علي الباقر عليه السلام
- مناسبت » عظم الله أجورنا وأجوركم بمصاب أبي عبدالله الحسين (ع)
- مناسبت » نهني العالم الاسلامي بولادة الإمام الحسین (ع)
- مناسبت » مولد السيدة زینب علیها السلام
- مراسم » اختتمت فعاليات المؤتمر العالمي للعلامة المجدد الوحيد البهبهاني
- مناسبت » ذكرى ميلاد الامام علي بن محمد الهادي (عليه السلام)
- مناسبت » نبارك لكم ميلاد أمل المستضعفين الإمام الحجة المهدي المنتظر عجل الله فرجه
- مناسبت » اعظم الله اجورنا و اجورکم بذكرى استشهاد الامام الجواد (عليه السلام)
- مناسبت » نعزي العالم الاسلامي باستشهاد الإمام الحسن بن علي العسکري علیه السلام
أکثر الأخبار مشاهدة
- پیام » تقبل الله صیامکم واسعد الله ایامکم وکل عام وانتم بخیر
- مناسبت » نعزي صاحب الزمان باستشهاد راهب بني هاشم الامام موسى الكاظم عليه السلام
- مناسبت » مبارك عليكم مولد الحجة( عج ) وجعلنا الله وإياكم من جنده المخلصين
- بیت معظمله » المأتم الحسیني الأسبوعي
- مناسبت » نعزي العالم الاسلامی بحلول شهر محرم الحرام و ایام استشهاد الامام الحسین (ع)
- مناسبت » نعزي صاحب الزمان باستشهاد جده الامام علي الهادي عليه السلام
- مناسبت » عظم الله أجورنا وأجوركم بمصاب أبي عبدالله الحسين (ع)
- مناسبت » نبارك لكم مولد السيدة فاطمة المعصومة سلام الله علیها بنت الإمام الكاظم عليه السلام
- مناسبت » نعزي الامّة الاسلامیة بمناسبة استشهاد السيدة فاطمة المعصومة أخت الأمام الرضا (ع)
- مناسبت » نبارك لکم ذکری میلاد الامام الرئوف السلطان علي بن موسی الرضا علیه السلام
سرّ العبادة والحجّ
إن الله سبحانه وتعالى لم يخلق الخلق عبثاً ولهواً، ولا لغواً ولَعِباً (وما كنّا لاعبين ) إنّما خلق لهدف مقدّس خاص ، ومن أبرز أهداف الخلقة وفلسفة الحياة (التكامل ) وذلک بالرحمة والعلم والعبادة.
(وَمَا خَلَقْتُ آلْجِنَّ وَآلاِْنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ ) أي ليعرفون كما ورد في الأخبار،
فلا تتمّ العبادة إلّا بالمعرفة ، ومن عرف دلّته معرفته على العبادة .
ولا يخفى إن الله غني عن العالمين فسرّ العبادة : غاية ترجع إلى الخلق أنفسهم لا إلى الخالق ، فانّه : (إِن تَكْفُرُوا أَنتُمْ وَمَن فِي آلاَْرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ آللهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ)[3] .
ثمّ عند ملاحظة العبادات في الشرايع المقدّسة ، نرى إنّها تختلف في الأفعال والطقوس من مورد لآخر، فانّه نشاهد أن الصلاة في أجزائها غير الصوم ، وأن الصوم غير الحجّ ، وهذه الثلاثة تختلف عن غيرها من أخواتها في العبادة .
فعند ما ننظر إليها من هذه الجهة ونرى إفتراق كلّ واحدة عن الاخرى في الماهيات والشرائط والأجزاء والموانع والآداب والسنن نتسائل : لماذا هذا الاختلاف في الظاهر، حيث لا نجد هناک وجه تشابه أو رابط يدلّ كلّاً للاخر.
وقبل الجواب لتوضيح سبب الاختلاف نقول : أن الله سبحانه وتعالى جعل هذه العبادات للانسان وكلفه بها، وعندما عند ما نلحظ واقع هذه العبادات وما ينتج عنها، نرى أن بعضها يكون بين الانسان ونفسه ، أي أنها راجعة بالذات إلى شخص الفرد دون غيره كالصوم مثلاً، وبعضها يكون فيما بينه وبين ربّه كالدعاء والصلاة ، والبعض الآخر يكون بينه وبين غيره من جنسه من البشر، ويمكن ملاحظة هذا في الزكاة والخمس والحجّ والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغيرها، ومنها ما يتعلّق بالانسان مع الطبيعة من الجمادات والنباتات والحيوانات .
فالخالق سبحانه وتعالى عند ما خلق الانسان وأراد منه الوصول إلى الكمال المودع فيه من خلافة لله سبحانه في صفاته وأسمائه الحسنى ، وضع وجعل له في تشريعاته ومناهجه ما يوصله إلى ذلک الكمال المنشود.
وكلّ واحد منّا له القابلية والتأهّل في الوصول لأنّه قد كلّفنا بذلک ، ولا يكلّف الله نفساً إلّا ما في وسعها، وإنّ ما يوصل الانسان ويهيّأ له نفسيته للكمال وطي مراحل التكامل ، لابدّ أن يكون تأثيره من جهات متعدّدة ، وهذا يتطلّب الاختلاف في المؤثرات والآليات ، فان المؤثر الواحد لا يعطي تأثيره من جميع الجهات والأبعاد، ومن هنا يتّضح سبب التعدّد والاختلاف في أفعال العبادة حيث انّها مؤثّرات على تكوين شخصيّة الانسان وتبلوره بطابع إلهي ليستحقّ أن يتظلّل بظلال عرش الله، وأن يكون في مقعد صدق عند مليک مقتدر.
ويظاف على ذلک انّه يمكن أن يقال أن هناک رابطاً وعلاقةً وثيقةً يربط بعض العبادات ببعض غير النتائج التي ذكرناها، وهذا الرابط وربما يكون العمدة والأساس ، هو أن كلّ واحد من العبادات يقع في طريق القربة إلى الله سبحانه وتعالى .
ثمّ إنّ الحجّ من فروع الدين كسائر العبادات يرجع سرّه إلى الخلق نفسه (وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ آللهَ غَنِيٌّ عَنِ آلْعَالَمِينَ ) فالانسان في نفسه الامكانية حدوثاًوبقاءً، يفتقر ويحتاج إلى ربّه وخالقه وصانعه ، وإنّما يتكامل في سيره التكاملي بالعلم والمعرفة وبالرحمة الالهيّة والعبادة الصادقة ، وان العلم مقدّمة الشهود والحضور: (كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ آلْيَقِينِ لَتَرَوُنَّ آلْجَحِيمَ ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ آلْيَقِينِ )فبعلم اليقين يصل الانسان إلى عين اليقين ، وبعين اليقين يصل إلى حقّ اليقين ، وهو مقام الفناء في إرادة الله والبقاء به .
والشهود إنّما يتمّ بتهذيب النفوس وصيقلة القلوب التي تتبلور بالعبادة ، فإنها طريق السلوک وظهور الغيب (وَآعْبُدْ رَبَّکَ حَتَّى يَأْتِيَکَ آلْيَقِينُ ) فالعبادة مقدّمةاليقين . ومن أتمّ مصاديقه الموت ، فاعبد ربّک حتّى الموت .
فالحجّ في سرّه يرمز إلى الشهود والحضور، فمن تركه وكان مستطيعاً كانكافراً، ويحشر أعمى يوم القيامة ، اذ عمي عنه في دنياه ، كما في تفسير قوله تعالى :(وَمَن كَانَ فِي هذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي آلاْخِرَةِ أَعْمَى ) .
ثمّ العبادات تنقسم إلى جوارحية (ظاهرية ) وجوانحية (باطنية )، فما يتعلّق بالجوارح إنّما هو من الأحكام والآداب ، وأمّا الجوانح فهو ما وراء ذلک من المعرفة والشهود والحضور في المحضر الالهي ، وهذا ما نقصد به من سرّ العبادة وسرّ الحجّ .
ولا يخفى إنّ أسرار العبادات وأسرار الحجّ إنّما هي عند أهل البيت :، فهم (موضع سرّه ، وملجأ أمره ، وعيبة علمه ، وموئل حكمه ، وكهوف كتبه ، وجبال دينه ) .
ثمّ الانسان الكامل العيني هو سرّ العبادات كلّها، وسرّ الانسان الكامل التدويني ، أي القرآن الكريم ، وبهذا نقول إنّما قبول العبادة مشروط بالتقوى (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ آللهُ مِنَ آلْمُتَّقِينَ )[9] وقبول التقوى بقبول الولاية العظمى لله ولرسولهولخلفائه الأئمّة الأطهار : أي الانسان الكامل العيني ، فانه الصراط المستقيم ، والنهج القويم ، وميزان الأعمال .
وكما لكتاب الله ظاهر وباطن ، وللقرآن سبع بطون ، ولكلّ بطن سبعين بطناً، وهكذا، فكذلک الحجّ فان له ظاهر، وهو الأحكام الجوارحيّة ، وباطن وهو الحِكَم الجوانحيّة والمعرفة الشهوديّة ، (وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ) .
فالظاهر يتعلّق بقالب الانسان ، والباطن الشهودي يتعلّق بقلبه . وانّه مثل غيره ، قد نزل من خزائن علم الله.
والمؤمن العارف في برزخه النزولي قبل دنياه الدنيّة ، وفي برزخه الصعودي بعد موته ومفارقته الدنيا، ربما يشاهد الحقائق والصور الملكوتيّة بعد تمثّله وعمله بالصور الملكيّة في دنياه ، فان الصلاة مثلاً في دنياه ، إنّما تكون في قبره وبرزخه بعد تجسّدها وتمثّلها بصورة جميلة تؤنسه وتنير له القبر.
في الحديث الشريف :«إذا مات المؤمن دخل معه في قبره ستّة صور فيهنّ صورة أحسنهنّ وجهاً، وأبهاهنّ هيئة ، وأطيبهنّ ريحاً، وأنظفهنّ صورةً ، فيقف صورة عن يمينه واُخرى عن يساره ، واُخرى بين يديه ، واُخرى خلفه ، واُخرى عند رجلين ، وتقف هي أحسنهنّ فوق رأسه ، فان أتى عن يمينه منعته التي عين يمينه ، ثمّ كذلک إلى أن يؤتى من الجهات الستّ فتقول أحسنهنّ صورة : ومن أنتم جزاكم الله عنّي خيراً؟ فتقول التي عن يمين العبد: أنا الصلاة ، وتقول التي عن يساره : أنا الزكاة ، وتقول التي بين يديه : أنا الصيام ، وتقول التي خلفه : أنا الحجّ والعمرة ، وتقول التي عند رجليه : أنا برّ من وصلت من إخوانک ، ثمّ يقلن ومن أنتِ ؟ فأنتِ أحسننا وجهاً، وأطيبنا ريحاً، وأبهانا هيئة ؟ فتقول : أنا الولاية لآل محمّد صلوات الله عليهم أجمعين ».
فالحجّ بكلّ مناسكه ورموزه ومظاهره وعوالمه أسرار وأسرار، ما يقف عليها إلّا الخواص والأوحدي من الناس ، وينتقل منها إلى شهود ربّ الأرباب ، وربّ البيت الحرام(فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا آلْبَيْتِ ).
وأنّ أهمّ سرّ في الحجّ هو السير إلى الله سبحانه كما ورد في تفسير قوله تعالى : (فَفِرُّوْا إِلَى آللهَ)[13] أي حجّوا إلى الله.
ولما كان سبحانه وتعالى في كلّ مكان ، فلا يعتمد في السير إليه السير الزماني أو السير المكاني ، بل السير إليه بمعنى الزهد عمّا سواه ، فيترک العبد ما سوى الله، وما ليس عليه إسمه ، ليفرّ ويلتجأ إليه . وبهذا يكون حجُّه لله، وإلى الله، وفي الله، ومع الله، كما ورد في دعاء السفر: «بسم الله وبالله، وفي سبيل الله، وعلى ملّة رسول الله».
ثمّ خير الزاد في السير والسفر إلى الله هو التقوى ، كما في الآية الشريفة والتي إنفردت بذكر حقيقة الزاد في السفر إلى الله سبحانه ، وهي التي تتعلّق بالحجّ وأحكام الحجّ :(وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ آلزَّادِ آلتَّقْوَى ) (وَأَذِّن فِي آلنَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوکَرِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ) .
فالحجّ رحلة إيمانيّة وسفر إلى الله ورسوله وأولياءه ، وما الشعائر الالهيّة وتعظيمها قلباً وقالباً الّا من تقوى القلوب ، وما التقوى إلّا زاد وراحلة في السير والسلوک في السفر الالهي .
وقوله تعالى : (تزوّدوا) يدلّ على أنّ الجميع في سفر، فإنّهم اُمروا بالتزوّد، وأخذ الزاد علامة السفر، ولا يمكن للمسافر العاقل الفهيم أن يسافر من غير زاد، وإن الزاد في السفر إلى الله هو التقوى والورع عن محارم الله سبحانه .
والحجّ من أتمّ مصاديق التقوى وأفضل أنواعها، إلا وهو التقوى الالهي (وَآتَّقُونِ يَا أُولِي آلاَْلْبَابِ )لا طمعاً بالجنّة ولا خوفاً من النار، بل لأنّه أهلالتقوى والمغفرة ، فيعبد ويحج إلى بيته خالصاً مخلصاً، وحبّاً وشوقاً وشكراً وعرفاناً، ونهاية مثل هذه التقوى بنفس مطمئنة راضية مرضيّة (لقاء الله) والدخول في الحضرة الالهيّة ، وجنّة الأسماء الحسنى (فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَآدْخُلِي جَنَّتِي ).
وإنّما يقف على الأسرار من كان متعلّماً على سبيل النجاة ، أو عالماً ربّانيّاً مقترناً علمه بتهذيب النفس وتزكيتها (وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمَهُمُ آلْكِتَابَ وَآلْحِكْمَةَ ).
ولا يخفى انّ لكلّ عمل ظاهر وباطن ، وما الباطن إلّا السرّ الخفي الذي يقابله العلن والاظهار، وكلّ سرّ ورائه سرّ أخفى وإن الله يعلم السرّ وأخفى .
ومن توجّه إلى سرّ العمل تزكّت روحه وتهذّبت نفسه ، ليرث سرّآ آخر «فمن عمل بما علم ، أورثه الله علم ما لم يعلم » فتكشف له الأسرار ويقف على الحقائق كما هي ، وذلک هو الفوز العظيم ، ولا يلقها إلّا ذو حظٍّ عظيم .
ما ترک المحرمات والورع عمّا حرّم الله في الحجّ إلّا تهذيباً للنفس ، وللخلاص من الأنانية وحبّ الذات (فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي آلْحَجِّ ) .
إنّ القرآن الكريم يشير إلى ثلاثة من المحرّمات في الحجّ وهي أُمّهات المحرّمات المذكورة في المناسک ، ليدلّ على تطهير القوى الثلاث وتعديلها (فلا رفث ) لتطهير القوّة الشهوانيّة . (ولا فسوق ) لتطهير القوّة الغضبيّة (ولا جدال ) لتطهير القوّة الوهميّة ، وحينئذٍ يكون الحاكم في حياة الانسان القوّة العاقلة .
وإن طهرت هذه القوى الثلاث طهر الانسان في كلّ أبعاد حياته ووجوده الفردي والاجتماعي .
ومن وقف على أسرار حجّه خلص في عمله ، ومن خلص في العمل فانّه نال سعادة الدنيا والآخرة . فمن حجّ قبل أن يعرف أسرار حجّه ، فانّه ربما يكون عمله صحيحاً من الجانب الشرعي ، إلّا انه لم يصل إلى كمال حجّه من الوفادة والضيافة الإلهيّة ، فلا يتعالى إلى قمّة الكمال لينظر إلى الجمال بهيبة وجلال فينأنس ويتهيّب .
إنّما يصل الحاج إلى أسرار حجّه إذا أخلص لله في إقامة شعائره ، فيقصد بكل وجوده أن يزور بيت ربّه ، ليكفّر عن ذنبه ويطوف مع الملائكة بقلبه ، فلا ينال ذلک من كان قاصداٌ في حجّه التجارة أو السياحة أو الشهرة أو السمعة والرياء والعجب ، وغير ذلک من آفات الحجّ ومبطلاته . بل يكون من أولئک الذين تعهدهم الله سبحانه في دعوة خليله وذبيحه إبراهيم وإسماعيل لتطهير بيته الحرام (وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَآلْعَاكِفِينَ وَآلرُّكَّعِ آلسُّجُودِ) إنهم من امّة خاتم النبيّين وسيّد المرسلين محمّد(ص) (مُحَمَّدٌ رَّسُولُآللهَ وَآلَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى آلْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ آللهَ وَرِضْوَاناً) .
أجل إنّ من كان مصاباً بالنوايا المزيفة والأعمال الطالحة كيف يكون ضيفاً عند ربّه في حجّ بيته ، ومن كان يحمل الأصنام أو الصنميّة في أفكاره وقلبه أو اتخذ هواه إلهاً، كيف يدخل بيت التوحيد؟!! ومن كان يركع ويسجد أمام الاستكبار والاستعمار بكل مظاهره ومعالمه ، كيف يخدم الراكعين والساجدين في بيت الله؟! ومن كان يطوف حول الشياطين كيف يخدم الطائفين ويتّسم بخادم الحرمين ؟!
فليس كل من حج وطاف وكان خادماً للحرمين كان حقاً، وقبل حجّه ، وكملت معرفته ، ووقف على أسرار الحجّ وعرفانه وحِكَمِه ، بل كثير من الناس كالأنعام بل أضلّ سبيلاً، وقلوبهم كالحجارة بل أشدّ قسوة ، فانّهم للحق كارهون «فالصورة صورة انسان والقلب قلب حيوان » «ما أكثر الضجيج وأقلّالحجيج »؟!
ان الحجّ ليجمع بين طيّاته كثير من العبادات والطقوس الدينيّة كالصلاة والطهارة والإنفاق والهجرة وتحمّل الصعاب في سبيل الله، والإمساک عن محرّمات الإحرام والحرم ، والنفر إلى الله مع الجماعة المؤمنة ، والأضحية والإطعام والتولّى والتبرىّ والجهاد.
قال صاحب الجواهر الشيخ حسن النجفي 1: (فهو حينئذٍ رياضة نفسانيّة وطاعة مالية ، وعبادة بدنيّة ، قوليّة وفعليّة ، وجوديّة وعدميّة ، وهذا الجمع من خواص الحجّ من العبادات التي ليس فيها أجمع من الصلاة ، وهي لم تجتمع فيها ما إجتمع في الحجّ من فنون الطاعات )[24]