ارسال السریع للأسئلة
تحدیث: ١٤٤٥/١٢/١٨ السیرة الذاتیة کتب مقالات الصور دروس محاضرات أسئلة أخبار التواصل معنا
تصنیف الموضوعي احدث الأسئلة الأسئلة العشوائية أكثر الأسئلة مشاهدة
■ العقائد (٢)
■ الکلام (٤)

■ الحدیث و الروایة

■ التاریخ

■ المسائل العامة

■ الأحکام الدینیة

كيف يقوم الدليل العقلي على أنّ القرآن هو منزل من اللَّه تعالى

كيف يقوم الدليل العقلي على أنّ القرآن هو منزل من اللَّه تعالى، وينفي أن يكون من صنع الملائكة أو الجنّ الصالحين.

نعم إنّ العقل ينفي أن يكون القرآن من شخص الرسول صلى الله عليه وآله لكونه اُمّياً، لم يدرس ولم يتعلّم من أحد. ولكنّه لم يقم على أنّ القرآن منزل من اللَّه تعالى دليل عقلي.

بسم الله الرحمن الرحیم 

 

يحتوي السؤال على نقاط:

 

1 - إنّ القرآن الكريم، ليس من صُنْع الرسول صلى الله عليه وآله لأنّه كان اُمّياً لم يدرس ولم يتعلّم عند أحد، فالعقل يمنع أن يكون القرآن منه.

 

2 - احتمال أن يكون القرآن من صُنْع الجنّ الصالحين أو الملائكة.

 

3 - لم يدلّ العقل على أنّ القرآن منزل من اللَّه تعالى.

 

أمّا النقطة الاُولى: فالقرآن ليس من صنع الرسول صلى الله عليه وآله والدليل على ذلك ليست هي الاُمّية فقط، لأنّ مَن لم يكن اُمّياً، حتّى لو كان من كبار العلماء، لم يتمكّن من الإتيان بمثله. فالاُمّية ليست هي الدليل الوحيد على ذلك، بل هي - لو ثبتت بهذا المعنى - ملزمة للآخرين الذين كانوا يثيرون الشُبَهَ ضدّ القرآن، بأنّه «علّمه بعض الأعجمين». بل الدليل على ذلك هو إعجاز القرآن - الذي ثبت بالعيان - فَعَجَزَ عن معارضته جميع بني الإنسان حتّى العلماء العظام من أهل الأديان.

 

ثمّ إنّ النبيّ صلى الله عليه وآله نفسه أعلن عن عدم كونه منه، وهذا الإقرار منه أدلّ على نفيه، من دون حاجةٍ إلى مثبت أو قافٍ، لنفوذه عليه بلا ريب، وهو الصادق الأمين قبل البعثة بالنبوّة، ولو ادّعاه لم يكن لأحدٍ أن يكذّبه. هذا كلّه، مع أنّ الاُمّية بمعنى عدم معرفة الكتابة والقراءة، ممّا لم تثبت للنبي صلى الله عليه وآله ولعلّ في نسبتها إليه إساءةٌ بمقامه الشريف، الذي يفرض عليه أن يكون أكمل الناس، والكتابة كمال بلا ريب حتّى عند أهل الجاهلية الذين كانوا يسمّون من يعرفها بالكامل، فكيف لا يكون النبيّ صلى الله عليه وآله عارفاً بها؟! والاُمّية، نسبة إلى «اُمّ القرى» وهي مكّة المكرّمة، كما أنّ عدم قيامه بالكتابة، وعدم قراءته للكتاب، لا يستلزم عدم معرفته صلى الله عليه وآله لهما، فإنّه أعمّ. وقد دلّت حوادث من السيرة على مزاولته صلى الله عليه وآله لهما بعد البعثة.

 

وأمّا النقطة الثانية: فإحتمال أن يكون القرآن من صنع الملائكة أو الجنّ الصالحين. فلا ريب أنّ الصلاح الثابت لهم يمنع أن يقوم هؤلاء بأمرٍ من غير اللَّه، «بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ ...».

 

مع أنّ الإعجاز الثابت للقرآن يعمّ تحديه كلّ المخلوقات التي يمكنها صنع الكلمات والجمع، ولذلك قال تعالى: «ولو كان من عند غير اللَّه لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً ...».

 

فكلّ من هو غير اللَّه، ينتفي عنه الإتيان بمثل هذا القرآن، ولذلك عمّم القرآن نفسه التحدّي به فقال: «قُلْ لَئِنْ اجْتَمَعَتْ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً» فكيف بالجنّ وحدهم؟.

 

مع أنّ مثل هذه الدعوى رَجْمٌ بالغيب، وممّا لا يثبته دليل، وليس له في عالم الوجود مثيلٌ، والقرأن بنصاعة نصّه، وروعة بيانه، وعمق برهانه، وكمال هديه، أرفع من أن ينسب إلى هذه الخرافات. وبعد ثبوت حجّيته، فهو المنادي بوضوح العبارة أنّه من اللَّه منزل، وإلى نبيّه مرسل، نزل به الروح الأمين، شديد القوى، على قلب المصطفى صلى الله عليه وآله.

 

وأمّا النقطة الثالثة: فالعقل إنّما يُثبت الكلّيات، ولا يتنزّل إلى المفردات، مثلاً: العقل لا يثبت أنّ زيداً ولده والداه، ولا دليل له على ذلك ولا طريق، ولكنّه يثبت أنّ زيداً لابدّ أن يولد من والدين من اُمّ وأب، وبما أنّ أحداً لم يدّع ولادة زيد سوى أبويه، وأنّ أقاربه يشهدون ويقرّون بذلك، ولم يعارضهما أحد، وأنّ زيداً نفسه يُصرّح وينادي بذلك، فالعقل لا ينفي هذا الموجود من نسب زيد. وإذا انحصرت الطرق في ذلك، أقرّ العقلاء به، أمّا أن يكون هناك دليل عقليّ - مثل النقيضان لا يجتمعان - على أنّ زيداً هو مولود من كلّ من الأب المعيّن والاُمّ المعيّنة، فليس من شأن العقل ذلك، ولا طريق له إليه. والقرآن، وهو هذا النصّ الخاصّ، المعجزة التي يعجز عن الإتيان بمثله أي أحد من البشر أو الجنّ أو الملائكة، لابدّ أن يكون له مصدر فوق هؤلاء، وهو - أي القرآن - ينادي أنّه من اللَّه ووحيه، والرسول الذي جاء به وصدع ببيانه ونشره وجاهد في حفظه وتثبيته وكتابته، لم يدّع أنّه من صنعه، بل نسبه إلى اللَّه تعالى ووحيه.

 

فلم تبقَ دعوى اُخرى تعارض هذه النسبة، أو تنافيها، فلابدّ للعقلاء أن يعترفوا بها ويسلّموا لها. وهذا هو الدليل العرفي والعقلائي على إثبات الجزئيات، التي لا طريق للعقل إلى دركها.
التاريخ: [١٤٣٥/١٢/١٧]     تصفح: [1948]

ارسال الأسئلة