فهرست کتاب‌‌ لیست کتاب‌ها
■ تقديمٌ
■ التمهيد
■ نَسَبُهُ ونِسْبَتُه:
■ مولِدُهُ ونشأتُهُ الاُولى:
■ إلى أصبهان:
■ في النجف:
■ إلى بُروجِرد:
■ إلى مشهد وقم
■ إلى قُم ثانيةً
■ رعايته للحوزة العلميّة
■ مسعاهُ العلميّ
■ نشاطه في مجال التأليف
■ مؤلّفاته
■ مواقفه وإنجازاته:
■ أقواله:
■ قالوا فيه:
■ مع الشعراء:
■ وفاته ومدفنه:
■ ذريّتُه وخَلَفه:
■ المقدّمة
■ الباب الأوّل
■ أوّلاً: المناهج الرجاليّة
■ ثانياً: مناهل المعرفة الرجاليّة
■ أوّلاً: كتب الرجال
■ ثانياً: أسانيد الروايات
■ ثالثاً: حجيّة الخبر الواحد وشرائطها
■ أوّلاً: الثقة في الراوي
■ ثانياً: السدادُ والضبطُ
■ ثالثاً: عدم شذوذ الرواية، وعدم الإعراض عنها
■ رابعاً: تطبيقُ المنَهْج الرِجاليّ المختار
■ فمراحلُ المعالجة الرجاليّة في السَنَد عند السيّد هي كما يلس:
■ مراحل التضعيف الرجاليّ
■ أما الخبرُ المُسْتَكْشَفُ:
■ وأما الطبقات:
■ توحيد الروايات
■ وأمّا فائدة هذا الاتّحاد:
■ تنبيهٌ هامّ
■ خاتمةُ الباب الأوّل
■ الباب الثاني
■ أوّلاً ـ تاريخ التأليف
■ ثانياً ـ أسباب التأليف
■ فوائد عمل السيّد:
■ ثالثاً ـ الهدفُ التربويّ السامي
■ رابعاً: تقديرٌ وتواضعٌ
■ خامساً: مجلّدات الموسوعة، وفهرست
■ محتوياتها
■ سادساً: ابتكارٌ فريد
■ سابعاً: مَنْهَج العمل واُسلوبه
■ ثامناً: عودةٌ إلى فوائد الموسوعة
■ خاتمة الباب الثاني
■ تنبيهاتٌ واستدراكاتٌ، وميّزاتٌ واقتراحاتٌ
■ أوّلاً:استدراكاتٌ وتنبيهاتٌ
■ ثانياً: مَيِّزاتٌ ومقترَحاتٌ
■ ملاحق الكتاب
■ الملحق الاوّل
■ الأحاديثُ المَقْلوبة وجواباتُها
■ تقديم
■ الخبر المقلوب:
■ وقلب التدليس:
■ وأما حكمُ المقلوب
■ في الجرح والتعديل:
■ شيوع ذلك في العصور الاُولى:
■ وفي عصرنا الحاضر:
■ بين الأسئلة والأجوبة:
■ أمّا عمل السيّد في الإجابة:
■ أمّا عن النسخة:
■ وعملي في النصّ:
■ السؤالُ الاوّل:
■ الجواب:
■ أمّا هذا الحديث الأوّل، ففي سنده:
■ وأما متن الحديث:
■ السؤالُ الثاني:
■ الجواب: أمّا سند هذا الحديث:
■ وأمّا متن هذا الحديث:
■ السؤال الثالث:
■ الجواب: أمّا سنداً:
■ وأما متناً:
■ السؤال الرابع:
■ الجواب: أمّا سند الحديث:
■ وأما متن الحديث:
■ السؤال الخامس:
■ الجواب: أمّا سند الحديث:
■ وأمّا متن الحديث، فنقول:
■ السؤال السادس:
■ الجواب:
■ السؤال السابع:
■ الجواب: أمّا سَند الحديث:
■ وأما متن الحديث:
■ السؤال الثامن:
■ الجواب: أما سند هذا الحديث:
■ أما متن الحديث:
■ السؤال التاسع:
■ الجواب: أمّا سند هذا الحديث:
■ وأما متن الحديث:
■ الخاتمة
■ الملحق الثاني
■ بحث حُجيّة الشُهْرة
■ الكلام في حجيّة الشُهْرة
■ أمّا الكلام في المقام الأوّل:
■ وأمّا الكلام في المقام الثاني:
■ فهرس المصادر و المراجع
  1. الوهابيّون والبيوت المرفوعة للشيخ محمّد عليّ السنقريّ الحائريّ
  2. وصول الأخيار إلى أصول الأخبار
  3. الوسيلة العذراء للشاعر عبد الحسين شكر (ت هجري.)
  4. همزيّة التميميّ صالح بن درويش الكاظمي (ت 1261هجري.)
  5. النكت في مقدمات الاصول، في تعريف المصطلحات الكلامية
  6. نثر اللآليْ للطبرسيّ (ت 548 هجري.)
  7. مقدّمتان توثيقيتان للسيد المرعشيّ والسيد المشكاة
  8. مسند الحِبَريّ
  9. مختصر رسالة في أحوال الأخبار
  10. الكلمات المائة للجاحظ (ت 250 هجري. )
  11. فصل الخطاب في ردّ محمّد بن عبد الوهّاب النجديّ
  12. عروض البلاء على الأولياء
  13. عجالة المعرفة في اُصول الدين
  14. شفاء السقام بزيارة خير الأنام عليه السلام
  15. الرعاية في شرح البداية في علم الدراية
  16. الدرة الفاخرة في دراية الحديث
  17. الرسالة الرحمانيّة حول كتابة كلمة (الرحمن)
  18. رسالة الحقوق
  19. رسالة ابي غالب الزراري إلى ابن ابنه في ذكر آل أعين
  20. الرجال لابن الغضائري
  21. دفع الشبه عن الرسول والرسالة
  22. الخلاصة في علم الكلام
  23. خاتمة وسائل الشيعة
  24. الحكايات، في الفرق بين المعتزلة والشيعة
  25. الحقوق لمولانا زيد الشهيد عليه السلام
  26. تفسير الحِبَري أو ما نزل من القرآن في علي أمير المؤمنين عليه السلام تفسير بالحديث المأثور
  27. تسمية من قُتِل مع الحسين عليه السلام من ولده واخوته وشيعته
  28. تثبيت الإمامة لأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام
  29. تاريخ أهل البيت عليهم السلام
  30. البداية في علم الدراية
  31. الباقيات الصالحات في أصول الدين الإسلامي عاى المذهب الإمامي
  32. إنجاح المطالب في الفوز بالمآرب
  33. الإمامة والتبصرة من الحَيْرة
  34. أسماء السور القرآنيّة، في مقطوعتين رائعتين في مدح النبيّ صلى الله عليه وآله
  35. الأُرجوزة اللطيفة في علوم البلاغة
  36. الأحاديث المقلوبة و جواباتها
  37. الإجازة الشاملة للسيّدة الفاضلة من الشيخ أبي المجد الأصفهاني للعلويّة الأمينيّة الهاشميّة
  38. آداب المتعلّمين
  39. نقد الحديث بين الاجتهاد والتقليد
  40. نظرات في تراث الشيخ المفيد
  41. المنهج الرجاليّ والعمل الرائد في (الموسوعة الرجالية لسيّد الطائفة آية الله العظمى البروجرديّ 1292 ـ 1380هجري)
  42. المنتقى النفيس من درر القواميس
  43. معجم أحاديث البسملة
  44. الموت أياتهاجاديثه احكامه
  45. القافية والرويّ في الشعر العربيّ
  46. ديوان الإجازات المنظومة
  47. دفاع عن القرآن الكريم
  48. حول نهضة الحسين عليه السلام
  49. الحسين عليه السلام سماته وسيرته
  50. جهاد الإمام السجّاد علي بن الحسين عليه السلام
  51. ثبت الأسانيد العوالي بطرق محمد رضا الحسيني الجلالي
  52. تدوين السنة الشريفة
  53. تحقيق النصوص يبن صعوبة المهمة وخطورة الهفوات، في النقد العلمي
  54. إيقاظُ الوَسْنان بالملاحظات على (فتح المنّان في مقدّمة لسان الميزان)
  55. أنا ـ ترجمة ذاتية للإمام أمير المؤمنين عليه السلام طبقاً للنصوص الموثوقة
  56. الأجوبة السديدة على أسئلة السيّدة الرشيدة
  57. الأجوبة الجلالية على الاسئلة الحلوانية
  58. أبو الحسن العُريضي، علي بن جعفر الصادق عليه السلام ترجمة حياته، ونشاطه العلميّ

المقدّمة

المقدّمة

 

أهمّية علم الرجال في الثقافة الإسلاميّة

وتنوّع أساليب التأليف فيه


ــ[53]ــ

 

 

 

 

أهميّة علم الرجال في الثقافة الإسلاميّة:

إنّ الشريعة الإسلاميّة تعتمد في طرف كبير من أحكامها على التعبُّد والبلوغ، في الاُمور المفروضة من قِبل الله تعالى على العباد، على أساس المصالح والمفاسد التي علم بها وحدّدَها، توصّلاً إلى ما يُصلحهم وإبعاداً لهم عن الوقوع في ما يضرّهم، دنيوياً واُخرويّاً.

ومساحة هذا الطرفُ التعبّديّ من الشريعة تسعُ جميع ما يسمّى بالعبادات، كمَّاً وكيفاً، وتسع أجزءاً من اُصول المعاملات والتصرُّفات البشريّة.

وكذلك اُمور الغيب وأخباره وآثاره من الوعد والوعيد وشؤون الآخرة، جزئيّاتها وتفاصيلها.

وترك الإسلام مساحةً واسعة تشمل العقائد تعتمدُ على فكر الإنسان وقناعته، وذوقه وجُهْده، بعد أنْ بيّنَ له الحقَّ من الباطل، والخيرَ من الشرّ، والرشدَ من الغيّ، وحدّدَ له النجدَيْن، وتركه حُرّاً في كثير من التصرُّفات التي لا أثر لها مباشرة على المصالح المحدّدة، يعملُ فيها حسب رغبته ومشتهاهُ، وهي منطقة المباحات، مع وضع اُسس أخلاقيّة واقية من الإفراط والتفريط، البعيدين عن المستوى المطلوب وفقاً للطبيعة العادلة.

وفي خصوص التعبّديّات، يعتمدُ البُلوغُ على الطرق المقرّرة شرعاً والتي أهمّها «القرآنُ الكريم» وأوسعها مساحةً هو «الحديث الشريف» المأخوذ بنقل الرواة عن مصادر التشريع وينابيعه وهي أحاديث النبيّ(صلى الله عليه وآله) وما قاله خلفاؤه الأئمّة المعصومون(عليهم السلام).


ــ[54]ــ

فالرواة إذن هم الوسائط البشريّة، التي تبلّغ التشريعات الإلـهيّة إلينا، فمنهم نأخذها، ونتعبّد بها، فلا بُدَّ إذن من إحراز أمانتهم في إبلاغها، حتّى نكونَ على ثقة بكون ما أوصلوه إلينا حقّاً، ويحصل لنا الاطمئنان بأنّ ما أبلغوه هو حكم الله.

وقد تأسّسَ «علم الرجال» على هذا الأساس المهمّ، والضروريّ وهو منشأ اهتمام علماء الشريعة بهذا العلم، لأهميّة ما يترتّب عليه من الهدف، وخطورة ما يُبنى عليه من النتيجة.

ولقد تكاثفت الجهود المضنية لتحديد هذا العلم بحدود الدقّة والضبط والقوّة، وبُذلت حوله جهود كثيرة، منذ عصور الأئمّة، وحتّى عصرنا الحاضر، فكانت هناك مؤلّفات عظيمة في أسماء الرجال والرواة، تُعَدُّ بالعشرات، إلاّ أنّها لم تبق بصورتها المنفردة بل جُمعت وكوّنت منها مؤلّفات لاحقة حتّى تمثّلت أكثر الجهود القديمة في الاُصول الرجاليّة المتداولة، وهي: «رجال البَرْقيّ»، و«اختيار الكشيّ»، و «رسالة الزُراريّ»، و«رجال ابن الغَضائريّ»، و«رجال النجاشيّ»، و«فهرست الطوسيّ و رجاله».

وقد أصبحتْ هذه الكتبُ محوراً لعمل المتأخِّرين، بين اختصار وتفصيل، وشرح، وتعليق، وتقديم، وتأخير، كما وضعها الفقهاء نصب أعينهم، منها يمتارون ما يغنيهم، ومن نميرها ينهلون ما يرويهم.

ومع أنّ الأعمال المتأخّرة عن الاُصول الرجاليّة تلك كلّها ذات قيمة تراثية، إذ يحتوي كلّ منها على فوائد خاصّة، ولا يخلو واحد منها من عوائد ماسّة، أقلّها توسيع نطاق هذا العلم، والدلالة على أهمّيته في عصر كلّ مؤلّف.

إلاّ أنّ ما اُلّفَ من كتب الرجال في عصرنا الحاضر، يكاد المتميّز منه
يكون منحصراً في عدد قليل، والسببُ في ذلك أنّ المتصدّين للتأليف لم يلتزموا بما يلزم لكلّ مؤلّف في أيّ فنٍّ من نصب الغرض المحدّد والمؤثِّر فيه أمامَ عينه، إمّا بتجديد، أو تسهيل، أو تصحيح، أو زيادة، أو رفع نقصان، بل لا يُشاهَد في أكثر


ــ[55]ــ

المؤلّفات المتأخّرة غيرُ التكرار المُمِلّ لما سبق، والإعادة من غير جديد إفادة، مع تكثير التصحيفات المشينة، أو ذكر الاحتمالات البعيدة، ممّا يزيد الطالب مشقّةً وعناءً، ويورّطه في التزام الفرضيّات العقليّة المتناهية البُعد عن الواقع، فيعرقل مسيرة عمله ودراسته، وبحثه، ويكدّر صفاء ذهنه.

ولا أقولُ هذا إلاّ رغبةً في أن يكون العمل المتأخِّر محتوياً على مزيّة فائقة تستدعي التصدّي للتأليف، وأقلّ ذلك الجمع والتنظيم، كي يستغنيَ الطالبُ عن تداول المؤلّفات العديدة، وقد أدّت موسوعات متأخّرة هذا العمل المفيد. ومع هذا كلّه، فإنّ الأعمال بالنيّات ولكلّ امرئ ما نوى، ولكلّ كبد حرّاءَ أجر.

لكنّ من الأعمال النادرة التي برزتْ في عصرنا، والتي بُنيتْ على منهج متين، وانطوتْ على هدف سام، وهو تقريب المسافة على طالب هذا العلم، وتسريع إيصاله إلى الهدف المنشود، مع الفوائد الجديدة العديدة التي لم يسبق التنبيه عليها أحد من السابقين، والتصويبات والتصحيحات الكثيرة لما وقع في التُراث الرجاليّ المتناقَل عن الأقدمين، سواءً في كتب الرجال، أو أسانيد الروايات المثبتة في كتب الحديث، كلّ ذلك مدعوماً بالأدلّة المتينة المحكمة:

هو ما قام به الإمامُ السيّد البُروجِرديّ من أعمال في «الموسوعة الرجاليّة». ولإبراز ميّزات عمل السيّد في كتابه، يلزم أن نعرض الكتب الرجاليّة الاُصول تلك، ونذكر بإيجاز ما ابتنت عليه من المنهج، فنقول:

 

رجال البَرْقيّ:

بُني على جمع أسماء أصحاب النبيّ(صلى الله عليه وآله) والأئمّة(عليهم السلام) الذين رووا عنهم الحديث، مركِّزاً على كونهم إماميّةً، دون غيرهم إلاّ مع التصريح، ويبتني كذلك على ذكرهم على الطبقات، وهو يحتوي على 1760 عنواناً حسب ترقيم نسختنا المحقّقة بما في ذلك الأسماء المكرّرة في الطبقات المتعددّة.


ــ[56]ــ

وقد فصّلنا الحديث عنه في المقدّمة التي وضعناها أمام نسختنا المحقّقة، والمقابلة بالنسخ المتوفّرة منه.

ورجال الكشيّ:

مبتن على جمع ما ورد في حقّ الرواة من الرجال، في الأحاديث سواء المادحة أم القادحة، بهدف وضعها بكلّ حياد أمام الناظرين كي يتمكّنوا من المقارنة والاستنتاج، واختيار ما توصلهم إليه الطرق الصحيحة للانتخاب.

وهذا العمل يعتبر مهمّاً وعظيماً في حدّ ذاته، ويدلّ على وَرَع تامّ وشجاعة فائقة، ونُشدان للحقيقة بكلّ حياد، إذ الغرضُ هو التوصُّل إلى الحقّ في شأن الراوي دون التعتيم على حسناته أو سيّئاته، بإظهار القدح فقط في الأعداء والمرغوب عنهم، وإظهار المدح فقط في الأولياء والمرغوب فيهم، بل المؤلّف إنّما ينقل بكلّ أمانة ما وصل إليه من مدح أو قدح، في الراوي مهما كان انتماؤه المذهبيّ، على حدٍّ سواء، من دون اتّباع الهوى في الحكم لأحد أو عليه، حسب رغبات النفس.

ولذلك فإنّ مؤلّف هذا الكتاب، وكذلك الذي اختار منه هذا الموجود، عمدا إلى إثبات ما وصل إليهم من نقول وحكايات حول الراوي.

وليس معنى نقل القدح هو إثبات القدح وتحقّقه فعلاً، أو قبوله واختياره أصلاً، وإنّما الهدف الخروج من عهدة روايته، وحفاظاً عليه، إذ لولا جمعه ونقله لضاع الكثير من الأخبار التي تُوهم القدح وليست قادحةً، أو هي قادحة فعلاً ولكن في نقلها وروايتها دفعٌ لظنّ غفلة المؤلّف عنها، أو اتّهامه بالغفلة أو تعمّد الإخفاء لها، فتستدرك عليه.

هذا مع الالتفات إلى ما في بعض المنقولات من المناقشة والبحث، ولو بحسب نظر المؤلّف أو الذي اختار هذه النسخة.

ومع أنّ مثل هذا العمل يُعَدُّ في مثل ذلك العصر السحيق من علامات التحرُّر


ــ[57]ــ

من العصبيّة الطائفيّة، والبعد عن الانحياز إلى أهل المذهب المعيّن، فإنّ بعض المهوسين من أبناء الأهواء في عصرنا الحاضر، حاولَ جهلاً منه بالمناهج الرجاليّة عند علماء الرجال الغضَّ من هذا الكتاب العظيم، بأنّ فيه تدافُعاً بيّناً بين المنقولات!!

كما أنّ بعض المغرضين من أعداء المذهب حاول استغلال ماجاء في الكتاب من الروايات التي ظاهرها القدح في الرواة، فجمعها، واعتبرها حقائق تدلّ بانفرادها على اعتراف المؤلّف بأنّ الرواة اُولئك مجروحون، لورود القدح فيهم!!

ولم ينتبه ذلك الجاهل إلى اقتران هذه الروايات بما إلى جنبها ممّا يدلّ دلالةً واضحةً على المدح في اُولئك الرواة أنفسهم، فتعارض تلك القوادح وتضادّها.

مع جهل هذا وذاك، بأنّ هناك طرقاً معروفةً للترجيح بين الروايات المتعارضة.

وقد أضاف الثاني إلى جهله، أنّه جَبُنَ عن الإعلان عن وجود الروايات المادحة لاُولئك الرواة الذين نقل فيهم الروايات القادحة، بينما المؤلّف قد أثبتهما معاً، جنباً إلى جنب في كتابه.

فليس في مثل عمل هذا الجاهل الذي ألّف كتاباً باسم «رجال الشيعة في الميزان» إلاّ الدلالة على اللؤم والحقد على العلم والحقّ.

 

ورجال أبي غالِب الزُراريّ:

فهو يعتمد على جمع أسماء مَن ينتمي إلى «آل زُرارة بن أعين» من رجال وأعلام بما فيهم الرواة للحديث، وهم ألأكثر، وشرح أحوالهم، وبما أنّه احتوى على معلومات هامّة عن رجال هذا البيت، الذي يُعَدُّ من بيوت العلم في الشيعة، فإنّ هذا الكتاب يدخل في التصنيف العلميّ في كتب الرجال.

وقد خصّصَ المؤلّف القسم الأخيرَ من كتابه لذكر «فهرست الكتب التي


ــ[58]ــ

رواها بطرقه إلى مؤلّفيها» وبهذا الاعتبار أيضاً يكون الكتاب من مهمّات كتب علم الرجال.

وقد حقّقتُ هذا الكتاب، وفصّلتُ الحديث عنه، وعنْ مؤلّفه، وطبع سنة «1411هـ في قُم(1).

ورجال ابن الغضائريّ:

المبنيّ أساساً على ذكر أسماء الضعفاء من الرواة، ومن غُمِزَ به، أو بكتابه، أو روايته، من الرواة الشيعة، متبنّياً منهجاً علميّاً رصيناً، وهادفاً إلى تحديد الضعفاء وأحاديثهم وتمييز مداخلاتهم في التُراث الحديثيّ.

وقد وقع العلماء في ارتباك غريب حول هذا الكتاب، وتعيين مؤلّفه، وصحّة نسبته، وتحديد غرضه، ونقل نسخته.

ووفّقني الله جلّتْ آلاؤه لجمع نسخه المتوفّرة وتحقيق نصّه وجمع ما نقل عن مؤلّفه من نقول وحكايات حول الرواة، ممّا خرج عن إطار النسخ الموجودة، وممّا تبعثر في المؤلّفات الرجاليّة القديمة، فجعلتُها كمستدرك له.

وقدّمتُ له بدراسة ضافية عمّا يدور حوله، بما يقطع شأفةَ النزاع ويرفع الارتباك المذكور، بعون الله، والعمل لا يزال مخطوطاً.

 

ورجال النجاشيّ:

فاسمه «فهرست مصنّفي الشيعة» وقد رتّبهُ مؤلّفه على حروف المعجم، يجمع أسماء مَنْ له تأليف من رواة الحديث الشيعيّ أو من صنّفَ لهم من غير الشيعة ودخل كتابه في التُراث الشيعيّ.

وهذا الهدف واضح في اسم الكتاب الذي أثبته المؤلّف في بداية الجزء

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) انتخب هذا العمل باعتباره أفضل عمل في علم الرجال في مشروع «الكتاب السنويّ» في الجمهورية الإسلامية في إيران سنة 1411هـ.


ــ[59]ــ

الثاني من كتابه.

ويمتازٌ كتاب النجاشيّ، بإثباته كثيراً من الشؤون المرتبطة بالرواة كالأنْسَاب وتصحيحها، والتوسُّع في ذكر المؤلّفات، ممّا لم يوجد حتّى في فهرست الطوسيّ الذي يشبهه إلى حدٍّ بعيد.

 

والفهرست للطوسيّ:

وهو مثل كتاب النجاشيّ منهجاً واُسلوباً، إلاّ أنّه اعتمد ذكر ما يفيد النواحي الرجاليّة والحديثيّة بالنسبة إلى الرواة الذين أوردهم في كتاب رجاله، والطرق إليهم، وحتّى الكتب التي ذكرها لهم، فكتابه أجمع لهذه النواحي من كتاب النجاشيّ، وإن كان النجاشيّ يبدو أكثر موسوعيّةً في الجوانب العامّة للرجال.

ويبدو أنّ الشيخ الطوسيّ راعى مبانيه الرجاليّة وملتزماته الحديثيّة في تأليف هذا الكتاب، للتبادل الواضح بين علم الرجال وبين أسانيد الحديث، فهذه أهمُّ من سائر المعلومات حول الراوي التي قد تكون إضافيّةً وغير مؤثّرة في المهمّة العلميّة.

وقد انعكس هذا التبادلُ على أعمال الشيخ الحديثيّة والفقهيّة في تُراثه بشكل واضح(1).

ومهما تكن الفوارقُ بين الفهرستين للنجاشيّ والطوسيّ فإنّهما متقاربان، ويبدوانِ كأنّهما مأخوذان من مصدر علميٍّ واحد، أو من إملاء شَيْخ واحد، لمزيد القرب بينهما في المنحى والمَنْهَج والغاية والهدف، ولذا تكثر مشتركاتهما إلى حدٍّ بعيد، بل يتّفقان في أكثر المعلومات الأساسيّة، والطرق الموصلة إلى الكتب

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لاحظ: ما كتبناه عن «باب من لم يرو عن الأئمّة:» في كتاب رجال الطوسيّ، حيث أثبتنا بناءه على ما في أسانيد كتاب الفهرست، وقد نشر في مجلّة تراثنا الفصلية، العددان (7و8) ـ قم، 1407هـ.


ــ[60]ــ

المفهرسة.

 

ورجال الطوسيّ:

هو الكتاب المبنيّ على ذكر الرواة عن النبيّ(صلى الله عليه وآله) والأئمّة: حسب طبقاتهم وعصورهم، مثل رجال البرقيّ، إلاّ أنّ الطوسيّ لم يلتزم بإماميّة المذكورين فيه، فلذلك أورد أسماء المخالفين الرواة عن المعصومين: من دون إشارة إلى عاميّتهم، كما لم يَلتزم فيه بالجرح والتعديل، بل اهتمّ بمجرّد ذكر أسماء الرواة بهدف تحديد طبقتهم، ولذا يذكر مع أسماء بعضهم ما يدلّ على هذا التحديد بشكل أدقّ، وهذا ظاهر من اسمه الموضوع له وهو «تسمية الرجال الذين رووا الحديث عن النبيّوعن أهل البيت: وهم الأئمّة الاثنا عشر».

وهو أوسعُ كتب الرجال من حيثُ عدد أسماء المذكورين فيه فقد بلغوا6398هـ راوياً، مع التكرار.

فهذه هي الكتب الرجاليّة الاُصول، الموروثة عن القدماء، وما اُلّف بعدها، فإنّما اعتمد عليها، وهي تعتمد أساساً على ذكر اسم الراوي وما يميّزه ويخصّه من شؤون تعرّف بعينه وشخصه، أو ثقافته ومذهبه، أو كتبه ورواياته، أو حاله قدحاً ومدحاً، وما إلى ذلك ممّا له أثر في قيمته الرجاليّة، ويوصل إلى الغرض من العلم، وهو معرفة الرجل، وموقعه من الإسناد الذي توصّل به لإبلاغ النصّ الشرعيّ، ليُتأكّد من قبوله أو ردّه، خصوصاً في حالات التعارُض بين الأحاديث.

وقد حاول المؤلّفون لهذه الاُصول استقاءَ المعلومات التي أودعوها فيها من المؤلّفين السابقين عليهم، وممّا ذكروه في مؤلّفاتهم الرجاليّة السابقة، والتي هي كثيرة في التُراث الشيعيّ، وما تلقّتهُ الطائفةُ بالقبول، وأجمعتْ عليه من الاُصول، ولا ريبَ في تلقّي الخَلَف هذه المعلوماتِ الواردة في هذه الاُصول بالقبول والتسليم، وتداولها من دون مناقشة في نقلهم اطمئناناً بمؤلّفيها وأمانتهم في نقل


ــ[61]ــ

المعلومات عن السابقين اُولئك الخُبراء الموثوقين; لأنّ هذه الاُمور تعتمد على العلم، ولا مجال فيها للرأي والاجتهاد ولا للقياس والظنّ وإن كان باب المقارنة والموازنة واسعاً كما هو ديدن المحقّقين والمدقّقين.

لكنّ السيّد البُروجِرديّ اتّخذ منهجاً آخر في استقاء المعلومات الرجاليّة، لم يُسبَق إليه في ما عهدناه، ووضع لذلك اُسلوباً مبتكراً غير معروف لدى أحد من علماء الرجال، سواء من الخاصّة أم من العامّة، وهو ما أودعه في «الموسوعة الرجاليّة».

وقد بنى عمله هذا على ما اتّخذه لنفسه من المَنْهَج الرجاليّ في المعالجات الحديثيّة، وطبّقه في الفقه.

فلا بدّ قبل التعرّض لبيان اُسلوب عمله في الموسوعة، من بيان منهجه الرجاليّ الذي اعتمده.

فهذه الدراسة تتكوّن من بابين:

الأوّل: في بيان المنهج الرجاليّ عند السيّد وتطبيقاته.

الثاني: في اُسلوب تأليف الموسوعة الرجاليّة.